فصل: حرف الصاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> ذكر الغزالي أيضاً أن الكرام الكاتبين لا يطلعون على أسرار القلب إنما يطلعون على الأعمال الظاهرة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله وثقوا انتهى واعلم أن للطبراني هنا ثلاث روايات إحداها مرت في حرف الهمزة وهذه الثانية وهما جيدتان وله طريق ثالثة فيها جعفر بن الزبير وهو كذاب كما بسطه الحافظ الهيثمي‏.‏

4985 - ‏(‏صالح المؤمنين أبو بكر وعمر‏)‏ أي هما أعلى المؤمنين صفة وأعلاهم قدراً والظاهر أن صالحاً هنا واحد أريد به التثنية قال في الكشاف في تفسير ‏{‏وصالح المؤمنين‏}‏‏:‏ هو واحد أريد به الجمع كقوله لا يفعل هذا الصالح من الناس تريد الجنس وكقوله لا ينفعه إلا من صلح منهم ويجوز أن يكون أصله صالحو المؤمنين بالواو فكتب بغير واو على اللفظ لأن لفظ الجمع والواحد واحد فيه كما جاءت أشياء في المصحف متبوع فيها حكم اللفظ دون وضع الخط انتهى قال أعني الكشاف‏:‏ والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمني أنبياء اللّه قال تعالى حكاية عن سليمان ‏{‏وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين‏}‏ وقال في إبراهيم ‏{‏وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وابن مردويه في تفسيره وكذا الخطيب في التاريخ ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى ‏{‏وصالح المؤمنين‏}‏ من هم‏؟‏ فذكره‏.‏

4986 - ‏(‏صام نوح‏)‏ عبد اللّه ‏(‏الدهر‏)‏ كله ‏(‏إلا يوم‏)‏ عيد ‏(‏الفطر ويوم‏)‏ عيد ‏(‏لأضحى‏)‏ فإنه لم يصمهما لعدم قبول وقتهما للصوم ‏(‏وصام داود‏)‏ النبي ‏(‏نصف الدهر‏)‏ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً على الدوام ‏(‏وصام إبراهيم‏)‏ خليل اللّه ‏(‏ثلاثة أيام من كل شهر‏)‏ قيل‏:‏ البيض وقيل‏:‏ من أوله ‏(‏صام الدهر وأفطر الدهر‏)‏ لأن الحسنة بعشر أمثالها فالثلاثة بثلاثين وهي عدة أيام الشهر وفيه أن تحريم يوم الفطر ويوم الأضحى ليس من خصوصياتنا وهذا فيما كانوا يصومون تطوعاً أما الواجب فمسكوت عنه هنا وفي أثر عن مجاهد إن اللّه كتب رمضان على من كان قبلكم‏.‏

- ‏(‏طب هب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ صيام نوح ورواه ابن ماجه وصيام داود في الصحيح وهذا الخبر فيه أبو فارس ولم أعرفه وأقول فيه أيضاً ابن لهيعة‏.‏

‏[‏ص 191‏]‏ 4987 - ‏(‏صبيحة ليلة القدر‏)‏ أي الحكم الفصل سميت به لعظم قدرها ‏(‏تطلع الشمس لا شعاع لها‏)‏ بضم الشين ما يرى من ضوئها عند غروبها مثل الحبال والقضبان مقبلة عليك إذا نظرتها وانتشار ضوئها ‏(‏كأنها طست حتى ترتفع‏)‏ الشمس كرمح في رأي العين‏.‏

- ‏(‏حم م 3 عن أبيِّ‏)‏ بن كعب‏.‏

4988 - ‏(‏صدق اللّه فصدقه‏)‏ قاله في رجل جاهد حتى قتل يعني أنه تعالى وصف المجاهدين بالذين قاتلوا لوجهه صابرين محتسبين فتحرى هذا الرجل بفعله وقاتل صابراً محتسباً فإنه صدق اللّه تعالى ‏{‏رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه‏}‏ وهذا القول كناية عن تناهي رفعة منزلته‏.‏

- ‏(‏طب عن شداد بن الهاد‏)‏ الليثي واسم أبيه أسامة قيل له الهاد لأنه كان يوقد النار ليلاً لمن يسلك الطريق من الأضياف وشداد صحابي شهد الحديبية وما بعدها وفيه قصة طويلة‏.‏

4989 - ‏(‏صدقة‏)‏ أي القصر صدقة ‏(‏تصدق اللّه بها عليكم‏)‏ وليس بعزيمة ‏(‏فاقبلوا بصدقته‏)‏ واقصروا في السفر وفيه أن القصر رخصة لا عزيمة فإن الواجب لا يسمى صدقة ويدل له آية ‏{‏ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ وذهب الحنفية إلى أنه عزيمة لقول عائشة فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي ففرضت أربعاً وأجاب الأول بأن هذا من قول عائشة غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة ذكره الخطابي واعترض قال ابن حجر‏:‏ والذي يظهر وبه يجمع بين الأدلة أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر بالآية المذكورة صدقة علينا قال الشارح‏:‏ والباء في بصدقته زائدة ولم أرها في شيء من الكتب الستة اهـ‏.‏ ولعلها سبق قلم من المؤلف وللحديث قصة وهو أن يعلى بن أمية قال لعمر بن الخطاب قال اللّه عز وجل‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم‏}‏الآية

‏[‏والمراد بالفتنة الاغتيال والغلبة والقتال والتعريض بما يكره وليست المخافة شرطاً لجواز القصر لهذا الحديث وللإجماع على جوازه مع الأمن وإنما ذكر الخوف في الآية لأن غالب أسفارهم يومئذ كانت مخوفة لكثرة العدو بأرضهم وفيه إشعار بأن القصر ليس واجباً لا في السفر ولا في الخوف لأنه لا يقال في الواجب لا جناح في فعله وفي الحديث جواز تصدق اللّه علينا واللهم تصدق علينا بكذا خلافاً لمن كره أن يقال ذلك وقال لأن المتصدق يرجو الثواب‏.‏‏]‏

وقد أمن الناس فقال‏:‏ عجبت بما عجبت منه فسألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال صدقة إلخ هذا يدفع قول البعض المراد بالصدقة الفطر في الصيام سفراً، نعم هو يؤخذ منه قياساً وفيه تعظيم شأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حيث أطلق ما قيد اللّه ووسع على عباد اللّه ونسب فعله إليه لأنه خيرة اللّه من خلقه‏.‏

- ‏(‏ق 4 عن عمر‏)‏ بن الخطاب ظاهره أن الكل رووه وليس كذلك بل عزوه للبخاري غلط أو ذهول فقد قال الصدر المناوي وغيره‏:‏ رواه الجماعة كلهم إلا البخاري ومن ثم اقتصر الحافظ ابن حجر في تاريخ المختصر وغيره على عزو الحديث لمسلم وأبي داود والنسائي والترمذي‏.‏

4990 - ‏(‏صدقة الفطر‏)‏ أي من رمضان فأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر منه أو مأخوذة من الفطر التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى ‏{‏فطرة اللّه التي فطر الناس عليها‏}‏ ‏(‏صاع تمر‏)‏ وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي عند مالك والشافعي ‏[‏ص 192‏]‏ وأحمد ‏(‏أو صاع شعير‏)‏ أو ليست للتخيير بل لبيان الأنواع التي يخرج منها وذكرا لأنهما الغالب في قوت أهل المدينة ‏(‏عن كل رأس أو صاع برٍ أو قمحٍ‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ القمح البر، سمي به لأنه أرفع الحبوب من قامحت الناقة إذا رفعت رأسها وأقمح الرجل إقماحاً إذا شمخ بأنفه ‏(‏بين اثنين‏)‏ أخذ بظاهره أبو حنيفة تبعاً لفعل معاوية في أجزاء نصف صاع حنطة وخالفه الثلاثة فأوجبوا صاعاً من أي جنس كان وأجابوا بأن معاوية فعله باجتهاد وخالفه من هو أطول صحبة وأعلم بأحوال النبي منه أبو سعيد فقال‏:‏ لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد النبي صاع تمر أو بر أو شعير أو أقط فقيل له‏:‏ أو مدي قمح فقال‏:‏ لا تلك قسمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها رواه ابن خزيمة ‏(‏صغير‏)‏ ولو يتيماً خلافاً لأبي الحسن وزفر ‏(‏أو كبير حرٍ أو عبدٍ‏)‏ ظاهره أن العبد يخرج عن نفسه وهو مذهب داود ويردّه خبر ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر فإنه يقتضي أنها على سيده دونه وقال البيضاوي‏:‏ جعل وجوب زكاة الفطر على السيد كالوجوب على العبد مجازاً إذ ليس هو أهلاً لأن يكلف بالواجبات ‏(‏ذكراً أو أنثى‏)‏ أو خنثى أخذ بظاهره أبو حنيفة فأوجبها على المزوجة وأوجبها الثلاثة على الزوج ‏(‏غني أو فقير أما غنيكم فيزكيه اللّه وأما فقيركم فيرد اللّه عليه أكثر مما أعطاه‏)‏ فيه أنه لا يعتبر لوجوب صدقة الفطر ملك نصاب وقال أبو حنيفة يعتبر ولا زكاة على من لا يفضل على منزل وخادم يحتاجهما ويليقان به وعن قوته وقوت ممونه ليلة العيد ويومه ما يخرجه فيها وامرأة غنية لها زوج معسر وهي مطيعة له‏.‏

- ‏(‏حم د عن عبد اللّه بن ثعلبة‏)‏ قال ابن قدامة‏:‏ تفرد النعمان بن راشد وهو كما قال البخاري يتهم كثيراً وهو صدوق في الأصل وقال‏:‏ ههنا ذكرت لأحمد حديث بن ثعلبة هذا فقال‏:‏ ليس صحيح إنما هو عن الزهري مرسل قلت‏:‏ من قبل هذا قال‏:‏ من قبل من النعمان بن راشد فليس بقوي اهـ وقال ابن عبد البر‏:‏ ليس دون الزهري من يقوم به حجة‏.‏

4991 - ‏(‏صدقة الفطر على‏)‏ أي عن ‏(‏كل إنسان مدّان من دقيق أو قمح ومن الشعير صاع ومن الحلو زبيب أو تمر صاع صاع‏)‏ اختلف في أي جنس تجب منه الفطرة فمذهب الشافعي‏:‏ أن جنسها كل ما يجب فيه العشر وقال المالكية‏:‏ جنسها المفتات في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال الحنفية والحنابلة‏:‏ يخير بين هذه الخمسة وما في معناها‏.‏

- ‏(‏طس عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه الليث بن حماد ضعيف‏.‏

4992 - ‏(‏صدقة الفطر صاع من تمر أو صاع من شعير أو مدّان من حنطة عن كل صغير وكبير وحر وعبد‏)‏ وروي بالواو وباء والمعنى سواء إلا أن الواو أدخل في إثبات المعنى المطلوب لأن الواجب على كل واحد من المذكورين لا على أحدهم دون الآخر وقد ترد أو بمعنى الواو على حد ‏{‏ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً‏}‏ وتمسك بهذا الخبر أبو حنيفة في اكتفائه بأقل من صاع بر وخالفه الباقون وضعفوا الخبر‏.‏

- ‏(‏قط عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الغرياني في مختصر الدارقطني‏:‏ فيه بقية وتقدم الكلام فيه عن داود بن الزبرقان ضعفوه كلهم وقال في مقارب قال أحمد كيحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

4993 - ‏(‏صدقة الفطر عن كل صغير وكبير ذكر وأنثى يهودي أو نصراني حر أو مملوك‏)‏ مدبراً كان أو أم ولد أو معلق ‏[‏ص 193‏]‏ العتق بصفة ولو آبقاً مغصوباً مؤجراً مرهوناً يؤديها سيده عنه ‏(‏نصف صاع من بر أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير‏)‏ وفيه أن الفطر تجب على الإنسان عن غيره وقال داود‏:‏ عليه فطرته فقط وقوله نصف صاع منصوب بفعل مقدر نحو أعني أو على أنه معمول لتعلق الجار والمجرور المحذوف أو حال وقوله أو صاعاً معطوف عليه في الأحوال كلها‏.‏

- ‏(‏قط عن ابن عباس‏)‏ ثم قال مخرجه الدارقطني‏:‏ تفرد به سلام الطويل وهو متروك وقال الذهبي في التنقيح‏:‏ خبر واه اهـ وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان علته كما هو دأبه في هذا الكتاب غير صواب‏.‏

4994 - ‏(‏صدقة ذي الرحم‏)‏ أي القرابة ‏(‏على ذي الرحم صدقة وصلة‏)‏ ففيها أجران بخلاف الصدقة على الأجنبي ففيها أجر واحد وفيه التصريح بأن العمل قد يجمع ثواب عملين لتحصيل مقصودهما به فلعامله سائر ما ورد في ثوابهما بفضل اللّه ومنته‏.‏

- ‏(‏طس عن سلمان بن عامر‏)‏ بن أويس الضبي بفتح المعجمة وكسر الموحدة صحابي سكن البصرة قال مسلم‏:‏ ليس في الصحب ضبي غيره واعترض‏.‏ رمز المصنف لصحته وهو خطأ لذهوله عن قول الحافظ الهيثمي وغيره فيه غالب بن فزان وهو ضعيف‏.‏

4995 - ‏(‏صدقة السر تطفئ غضب الرب‏)‏ يمكن حمل إطفاء الغضب على المنع من إنزال المكروه في الدنيا ووخامة العاقبة في العقبى من إطلاق السبب على المسبب كأنه نفى الغضب وأراد الحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن في العقبى قال ابن عربي‏:‏ وهو الموفق عبده لما تصدق به فهو المطفئ غضبه بما وفق عبده اهـ‏.‏ قال بعضهم‏:‏ المعنى المقصود في هذا الموضع الحث على إخفاء الصدقة وفي مسند أحمد قال ابن حجر‏:‏ سند حسن رفعه أن الملائكة قالت‏:‏ يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال‏:‏ نعم الحديد قالت‏:‏ فهل شيء أشد من الحديد قال‏:‏ نعم النار قالت‏:‏ فهل شيء أشد من النار قال‏:‏ نعم الماء قالت‏:‏ فهل شيء أشد من الماء قال‏:‏ نعم الريح قالت‏:‏ فهل شيء أشد من الريح قال‏:‏ نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيه عن شماله‏.‏

- ‏(‏طص عن عبد اللّه بن جعفر‏)‏ بن أبي طالب ‏(‏والعسكري‏)‏ بفتح العين وسكون السين المهملتين وفتح الكاف نسبة إلى عسكر مكرم مدينة من كور الأهواز يقال لها بالعجمية كشكر وهو أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد صاحب التصانيف الحسنة أحد أئمة الأدب وذوي الأخبار والنوادر ‏(‏في السرائر عن أبي سعيد‏)‏ الخدري، قال الهيثمي‏:‏ فيه من طرق الطبراني أصرم بن حوشب وهو ضعيف وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه للترمذي من حديث أنس‏.‏

4996 - ‏(‏صدقة المرء المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء‏)‏ بكسر الميم وفتح السين أصله موتة قلبت الواو ياء وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان من الموت وأراد بميتة السوء ما لا تحمد عاقبته ولا تؤمن غائلته من الحالات التي يكون عليها الإنسان عند الموت فالفقر المدقع والوصب الموجع وموت الفجاءة والغرق والحرق ونحوها ذكره التوربشتي وقال الحكيم وتبعه جمع‏:‏ هي ما تعوذ منه المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم في دعائه وقال الطيبي‏:‏ هي سوء الخاتمة ووخامة العاقبة ‏(‏ويذهب اللّه بها الفخر والكبر‏)‏ لا ينافي زيادتها في العمر ‏{‏وما يعمر من معمر‏}‏ لأنه من تسمية الشيء بما يؤول إليه ‏[‏ص 194‏]‏ أي وما يعمر من أحد ألا ترى أنه يرجع الضمير في قوله ولا ينقص من عمره إليه والنقصان من عمر المعمر محال وهو من التسامح في العبارة فقد يفهم السامع هذا بحسب الجليل من النظر وقضية النظر الدقيق أن المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز أن يبلغ حدّ ذلك العمر ‏[‏قال كعب الأحبار حين حضرت عمر الوفاة واللّه لو دعا ربه أن يؤخر أجله لأخره، قيل له إن اللّه عز وجل يقول ‏{‏فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏ فقال هذا إذا حضر الأجل وما قبل ذلك فيجوز أن يزاد أو ينقص وقرأ هذه الآية ‏{‏إن ذلك على اللّه يسير‏}‏‏.‏‏]‏

وأن لا يزيد عمره على الأول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغير في التقدير لأن المقدر على كل شخص الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام الممدودة وما قدر من الأنفاس يزيد وينقص بالصحة والحضور والمرض والتعب ذكره ابن الكمال أخذاً من الكشاف وغيره‏.‏

<تنبيه> مما ورد أنه يزيد في العمر إسباغ الوضوء فقد روى ابن عدي عن أنس مرفوعاً أسبغ الوضوء يزد في عمرك‏.‏

- ‏(‏أبو بكر بن مقسم في جزئه عن عمرو بن عوف‏)‏ الأنصاري البدري، قضية صنيع المصنف أن ذلك لم يخرجه أحد من المشاهير والأمر بخلافه بل خرجه الطبراني والديلمي عن عمرو المذكور باللفظ المزبور من هذا الوجه‏.‏

4997 - ‏(‏صغاركم‏)‏ أيها المؤمنون وفي رواية صغاركم ‏(‏دعاميص الجنة‏)‏ أي صغار أهلها وهو بفتح الدال جمع دعموص بضمها الصغير وأصله دويه صغيرة يضرب لونها إلى سواد تكون في الغدران لا تفارقها، شبه الطفل بها في الجنة لصغره وسرعة حركته وكثرة دخوله وخروجه وقيل هي سمكة صغيرة كثيرة الاضطراب في الماء فاستعيرت هنا للطفل يعني هم سياحون في الجنة دخالون في منازلها لا يمنعون كما لا يمنع صبيان الدنيا الدخول على الحرم وقيل الدعموص اسم للرجل الزوار للملوك الكثير الدخول عليهم والخروج ولا يتوقف على إذن ولا يبالي أين يذهب من ديارهم، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء لا يمنع من أي مكان منها ‏(‏يتلقى أحدهم أباه فيأخذ بثوبه فلا ينتهي حتى يدخله اللّه وأباه الجنة‏)‏ فيه أن أطفال المسلمين في الجنة وهو إجماع من يعتد به ولا عبرة بخلاف المجبرة ولا حجة لهم في خبر الشقي من شقي في بطن أمه لأنه عام مخصوص بل الجمهور على أن أطفال الكفار فيها‏.‏

- ‏(‏حم خد م‏)‏ من حديث أبي حسان ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال أبو حسان‏:‏ قلت لأبي هريرة إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا قال نعم ثم ذكره‏.‏

4998 - ‏(‏صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه‏)‏ هذا الحديث ستعرف حاله على الأثر قال ابن حجر‏:‏ وقد تتبعت هل كانت أقراص خبز المصطفى صلى اللّه عليه وسلم صغاراً أو كباراً فلم أر في ذلك شيئاً بعد التفتيش إلا هذا الحديث وما أشبهه مما لا يحتج به‏.‏

- ‏(‏الأزدي في‏)‏ كتاب ‏(‏الضعفاء‏)‏ والمتروكين ‏(‏والإسماعيلي في معجمه‏)‏ من هذا الوجه الذي خرجه منه الأزدي كما في اللسان ‏(‏عن عائشة‏)‏ وقضية صنيع المصنف أن الأزدي خرجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه ففي اللسان في ترجمة جابر بن سليم قال الأزدي‏:‏ منكر الحديث لا يكتب حديثه ثم روى هذا الخبر وقال‏:‏ وهذا خبر منكر لا شك فيه اهـ‏.‏ قال في اللسان‏:‏ ولعل الأخذ فيه ممن دون جابر فإن ابن أحمد نقل عن أبيه أنه ثقة قال‏:‏ والخبر منكر لا يشك فيه ورواه عن عائشة أيضاً الديلمي، قال ابن حجر في التخريج‏:‏ والخبر واه بحيث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال‏:‏ المتهم به جابر هذا اهـ وتعقب المؤلف ابن الجوزي في الحكم بوضعه بأن له شاهداً وهو الخبر الآتي فرقوا خبزكم يبارك لكم فيه اهـ ومن البين عند أئمة هذا الفن أن الشاهد لا ينجع في الموضوع وممن ‏[‏ص 195‏]‏ ذكره عنهم المؤلف وغيره ومما حكموا بوضعه من أحاديث الخبز ما رواه ابن رزين عن ابن عباس مرفوعاً‏:‏ ما استخف قوم بحق الخبز إلا ابتلاهم اللّه بالجوع‏.‏

4999 - ‏(‏صفتي‏)‏ أي في الكتب السابقة ‏(‏أحمد المتوكل‏)‏ على اللّه حق توكله والصفة هي التوكل وأما أحمد فهو اسم له كما نطق به التنزيل فذكره أولاً توطئة للوصف وكان سيد المتوكلين ولذلك لم يحترف ولم يكن له حارس ‏(‏ليس بلفظ‏)‏ بفاء وظاء معجمة أي سيء الخلق ‏(‏ولا غليظ‏)‏ أي سيء الخلق شديده ‏(‏يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافئ بالسيئة مولده بمكة ومهاجره طيبة‏)‏ هو اسم المدينة النبوية ‏(‏وأمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوضؤن أطرافهم، أناجيلهم‏)‏ جمع إنجيل وهو الكتاب الذي يتلى، محفوظة ‏(‏في صدورهم‏)‏ يعني كتبهم محفوظة في قلوبهم ويقال الإنجيل كل كتاب مكتوب وافر السطور كذا في الفردوس ‏(‏يصفون للصلاة كما يصفون للقتال قربانهم الذي يتقربون به إلى ربهم دماؤهم رهبان بالليل ليوث بالنهار‏)‏ فيه أن الوضوء من خصائصهم لكن الذي عليه الشافعي أن الخاص الكيفية المخصوصة أو الغرة والتحجيل لأدلة أخرى‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه من لم أعرفهم‏.‏

5000 - ‏(‏صفوة اللّه من أرضه الشام وفيها صفوته من خلقه وعباده‏)‏ عطف تفسير ويحتمل أنه بضم العين وشدة الموحدة جمع عابد فيكون من عطف الخاص على العام ‏(‏وليدخلن‏)‏ أكد باللام إشارة إلى تحقق وقوعه ‏(‏الجنة من أمتي ثلاث حثيات‏)‏ من حثياته تعالى لقوله في الحديث فحثى بيديه وتقدم معناه ‏(‏لا حساب عليهم ولا عذاب‏)‏ السياق يقتضي أن المراد من أهل الشام والصفوة هو الخاص المختار‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد العزيز بن عبيد اللّه الحمصي وهو ضعيف‏.‏

5001 - ‏(‏صلة الرحم‏)‏ أي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول إليه فتارة يكون بالمال وتارة بالخدمة وتارة بالزيارة ‏(‏وحسن الخلق وحسن الجوار‏)‏ بكسر الجيم وضمها وعليه اقتصر في المصباح ‏(‏يعمرن الديار‏)‏ أي البلاد قال في الكشاف‏:‏ تسمى البلاد الديار لأنه يدار فيها أي يتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين من حوالي مكة نحن من عرب الديار يريدون من عرب البلد ‏(‏ويزدن في الأعمار‏)‏ كناية عن البركة في العمر بالتوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في آخرته أو الزيادة بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر قال ابن الكمال‏:‏ في تخصيص حسن الجوار بالذكر من جملة ما ينتظمه حسن الخلق نوع تفضيل له على سائر أفراده والظاهر من سياق الكلام أن ذلك الفضل من جهة قوة التأثير في الأمرين المذكورين وينبغي للبليغ أن يراعي هذه القاعدة في مواقع التخصيص بعد ‏[‏ص 196‏]‏ التعميم‏.‏

- ‏(‏حم هب عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الحافظ في الفتح‏:‏ رواه أحمد بسند رجاله ثقات اهـ وإعلال العلاء له بأن فيه محمد بن عبد اللّه العرزمي ضعفوه يكاد يكون غير صواب فقد وقفت على إسناد أحمد والبيهقي فلم أره فيهما فلينظر‏.‏

5002 - ‏(‏صلة الرحم‏)‏ أي القرابة وإن بعدت ‏(‏تزيد في العمر وصدقة السر تطفئ غضب الرب‏)‏ استدل به الرافعي على أن صدقة السر أفضل من العلانية قال ابن حجر‏:‏ وأولى منه خبر سبعة يظلهم اللّه وفيه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها قال في الإتحاف‏:‏ ذكر مع الصلة صدقة السر للمناسبة التامة المؤذنة بمزيد فضل فالصلة بأنها تزيد في العمر سواء كانت سراً أو جهراً بخلاف إطفاء الغضب فإنه لا يكون إلا بالصدقة سراً ثم إخفائها فالصلة أفضل فإنها نوع من الصدقة فيجتمع فيها حينئذ الأمران الزيادة في العمر وإطفاء الغضب ولما كان الغضب عندنا ينشأ من غليان الدم ناسب أن يعبر عنه بالإطفاء وإن كان ذلك من المحال في حقه تعالى وتقدس فالمراد غايته من أنه لا يصل أثره ولا يبقى مع الصلة منه شيء كما لا يبقى من حرارة النار بعد الإطفاء ما يؤذي‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال ابن حجر‏:‏ فيه من لا يعرف‏.‏

5003 - ‏(‏صلة القرابة مثراة‏)‏ بفتح فسكون مفعلة من الثرى أي الكثرة ‏(‏في المال‏)‏ أي زيادة فيه ‏(‏محبة في الأهل منسأة في الأجل‏)‏ أي مظنة لتأخيره وتطويله والنسأ التأخير يقال نسأت الشيء نسئاً إذا أخرته قال الزمخشري‏:‏ معناه أن اللّه يبقي أثر واصل الرحم في الدنيا طويلاً فلا يضمحل سريعاً كما يضمحل أثر قاطع الرحم والصلة قدر زائد على الحقوق المتعلقة بالعموم كتفقد حالهم وتعهدهم بنحو نفقة وكسوة وبشاشة وغيرها فهي أنواع بعضها واجب وبعضها مندوب وأدناها ترك المهاجرة‏.‏